top of page

صوت يصرخ منذ ستة عقود: الشعور بالمستقبل

  • rmsahnet
  • 18 يونيو 2020
  • 2 دقيقة قراءة

تاريخ التحديث: 7 يوليو


قلم: قدري حافظ طوقان

يمتاز العرب بعدم الشعور بالمستقبل وعدم احساسهم به، فهم لا يفكرون إلا في الحاضر، وقد تركوا المستقبل للأقدار والطبيعة غير حاسبين له أي حساب. فهم في الحاضر الذي يعيشون فيه، لا يكلفون أنفسهم مشقة العناية به أو الاستعداد له. ولماذا الاستعداد او الاحتياط؟ فلقد أتقنوا الارتجال وتمرسوا به، وأصبح الشعور بالمستقبل بعيدا عنهم وغريبا عليهم، فجاءت اعمالهم تدلل على ذلك وكان الفشل الذي اصابهم في جميع نواحي الحياة نتيجة طبيعية لهذا كله.

ولست مغالياً إذا ذهبت إلى أن عدم احساس العرب بالمستقبل من العوامل التي جلبت عليهم النكبات في بلادهم والاخفاق في الميادين الدولية والسياسية.

ولا شك في أن الشعور بالمستقبل أو الاحساس به عامل من عوامل نجاح الغرب وسيطرته على الطبيعة. فالغربيون يفكرون في المستقبل ويعلمون على الاستعداد له ويهيئون أنفسهم لأحداثه، ويبذلون الجهود في الاحتياط والتبصر بما يخبئه بين طياته من حوادث ومفاجآت.

وقد يسأل أحد الناس: وما السبب في هذا التباين في الطباع؟

يقول علماء النفس ان الشعور بالمستقبل أو الاحساس به ملكة خاصة تلازم بعض اجناس البشر، بل أنها تنمو وتقوى عند بعض الأمم وتقف جامدة عند أمم أخرى. ويرى علماء النفس أن للعوامل الجوية وبرودة المناخ أكبر الأثر في قوة الاحساس بالمستقبل. قد يكون في هذا بعض الصحة. وقد يكون فيما يقوله علماء النفس حول تعليل وجود الشعور بالمستقبل عند اقوام وانعدامه عند آخرين شيء من الوجاهة. لكن هذا الشعور يزداد ويقوى، تبعا للأساليب التي تتبعها الأمم في التعليم والتربية ويتأثر إلى حدود بعيدة بالروح التي تسود المناهج وبالطرق المتبعة في التعليم.

ان ما يتماز به العرب من انعدام الشعور بالمستقبل عندهم لا يعود إلى عوامل جوية او مناخية او طبيعية خاصة في بلادهم، بل يعود - كما أرى - إلى الأساليب التي يتبعونها في حياتهم وفي حل مشاكلهم، تلك الاساليب التي انتجت الارتجال والفوضى في اعمالهم ونواحي نشاطهم.

إن العرب لا يمكنهم التحرر من المقاييس الماضية، وليس في امكانهم تحرير العقل - كما انه لا يمكنهم تربية الشعور بالمستقبل وتنمية الاحساس به والعمل للغد والاستعداد لحوادثه ومفاجآته إلا إذا اخذوا بالعلم واسلوبه وعاشوا بالعلم واستخدموه في التربية.

فالطريقة العلمية - إذا تفّهم الجيل معانيها وتشّرب روحها - فإنها تعينه على فهم الحياة وتدفعه إلى السيطرة على الطبيعة، فينظر إلى المستقبل بدلا من الماضي ويقوى شعور به، ويتحرر من المقاييس الماضية والمقاييس غير المضبوطة، ويكون نموه متصلا وإحساسه بالمستقبل مستمرا وناميا.

---------------- -

في عام 1953 نشرت دار العلم للملايين كتاب تحت عنوان: وعي المستقبل

من تأليف قدري حافظ طوقان.. النص في الأعلى جاء في الكتاب تحت عنوان: الشعور بالمستقبل: "

تعليقات


دبي، وافي - المكاتب الإدارية

الشروط والأحكام

تواصل معنا

سياسية الخصوصية

الشراكات الاستراتيجية

  • Facebook
  • X

 

© 2025 by Rmsah

 

rmsah logo.png
bottom of page